صرخة نذير

كلما مر يوم جديد في عمر الانقلاب فإنه يضاعف انحسار المشروع الوطني وتقويض الهوية اليمنية بأبعادها القيمية والقومية، فالمشروع الإمامي الحوثي يعزز كل يوم ثقله في المجتمع، ويحقق مكاسبه السياسية من خلال نخر أجهزة الدولة وإحلال عناصره في مفاصلها الأساسية، كما أنه يعمل على تغيير هوية الجيل لصالح الهوية الجهوية السلالية التي تخدم مشروعه العنصري على المستوى الثقافي والعسكري تحديدا، فها نحن نشهد تخرج دفعات عسكرية وأمنية تردد في طوابيرها ثوابتها المعبرة عن عقيدتها القتالية مثل الولاء لآل البيت ولعبدالملك الحوثي وليس للدين والوطن، علاوة على صدور عدد من المجلات المخصصة لشريحة الأطفال ولشريحة المرأة تدفع نحو تشكل ذات الثقافة العنصرية الفئوية لدى الأجيال.

 

لقد بات من المعروف بأن المشروع الإمامي السلالي الذي انقلب عسكريا على السلطة يعمل بفاعلية وكفاءة لاستغلال كل يوم في عمره السلطوي لترسيخ مضامين مشروعه الثقافي، وهذا الأمر هو أخطر ما يفت في عضد اليمن حيث يمثل بذرة قابلة للنمو والتسلق سواء في مرحلة استقرار سلطة الانقلاب أو في مرحلة ما بعد حسم المعركة العسكرية معها.

 

 

علينا أن ندرك أن كل تأخير في تحرير العاصمة صنعاء سيؤدي إلى رفع كلفة تحريرها بأثمان باهضة تتضاعف كل يوم، وأن نتائج هذا البناء الثقافي الذي يعمل عليه الإماميون لن يمس اليمن واليمنيين وحدهم، فالهوية القومية كل لا يتجزأ وسيعاني جميع الأشقاء من إفرازات هذا الوباء العنصري المنسلخ عن الهوية الإسلامية السمحة والمتحلل عن القيم المتوارثة والمتنكر للعادات الحميدة.

 

 

وإذا كان الحسم العسكري تتقاطع فيه كثير من الموازنات الإقليمية والدولية وتتحكم فيه عديد من المسارات السياسية والإنسانية فلتعلم المقاومة والجيش الوطني انهم يمتلكون قرارا ميدانيا له قدره من الأهمية في توجيه بوصلة تلك التوازنات الخارجية.

 

 

كما يجب على النخب الثقافية أن تضطلع بدورها من خلال إعداد البرامج ووضع الخطط الثقافية التي تزهق باطل ثقافة التخلف والكهنوت، فإذا كانت معركة الفكر تمثل 50% من الأهمية اليوم، فإنها تمثل الأهمية كلها في مرحلة ما بعد الحسم العسكري.