الناخبي في الذاكرة العطرة

في العام 2011 تواصلت بالعميد عبدالله الناخبي ووضعت عليه مقترح أن يكون ضيفنا في برنامج منبر الثورة الذي كان يبث على قناة سهيل ..

 


كانت الحلقة مساء وكانت سهيل مستهدفة حتى في طواقمها وضيوفها ومقراتها فاتخذت من ساحة التغيير مكانا لبثها لتوفر الحد الأدنى من الأمان..

 


رحب الناخبي بالفكرة .ولما كانت لجان النظام تمنع دخول المسلحين فقد اتفقنا على ان انتظره في أحد المنافذ ليتمكن من الدخول بموكبه ومرافقيه..

 


انتظرته في المكان المحدد فتأخر وبقي ينتظرني في مكان آخر..


وحين اقترب موعد اللقاء اتصلت به أكثر من مرة فإذا بالرقم خارج نطاق التغطية فظننت أن الرجل قد تعرض لمكروه أو قرر إلغاء اللقاء ..

 


بقيت لساعة كاملة حتى يئست وهممت بالعودة فإذا بأحد الشباب العاملين في لجان النظام ينادي يا أحمدي! ..
نعم !
هنا مسئول كبير يسأل عنك ومعه مجموعة من المرافقين المسلحين ..هرعت نحو المكان فوجدت العميد الناخبي واقفا لساعة كاملة عند المنفذ المقابل مع مرافقيه ...

 


يا الله ..ساعة كاملة ينتظر السماح بالدخول بكل أدب وهدوء ..وشباب مثل أحفاده يعتذرون له بحجة ممنوع دخول السلاح ولا يوجد أمر بالدخول فالثورة سلمية والساحة سلمية..
وحين وصلت حاولت ان أعبر عن أسفي فاستقبلني بكل لطف وحب وانطلقنا معا نحو الاستديو وقد أعذر بعضنا بعضا فيما حصل..

 


تمت الحلقة بنجاح ومن خلالها قدم الناخبي الذي كان يشغل الأمين العام للحراك السلمي الجنوبي رسائل أذهلت المتابعين حين بدا منبهرا بثورة الشباب ومؤيدا وداعما قولا وفعلا..

 


انتهى اللقاء الذي كان على الهواء مباشرة الساعة12مساء ..وفور خروجه من الاستوديو كان آلاف الشباب ينتظرونه على امتداد الساحة...

 


كان موقفا مربكا للساحة وللنظام فضلا عن الملاحقات التي تجري هنا وهناك فعمد الناخبي إلى خطة ذكية..


أمر موكبه بالتحرك وبالفعل خرج الموكب وبقي الناخبي..
سألني هل لديك سيارة ..قلت نعم ..
قال :اصعد ..
هنا تضاعفت نبضات قلبي فأنا لا أقوى على مغادرة الساحة في عز الظهر فكيف بالساعة 12 مساء..
لكني تظاهرت بالشجاعة وقلت في نفسي وداعا ساحة التغيير ولست بأهم من الناخبي..
انطلقت ومعي العميد الناخبي بكل تفاصيله وتاريخه وحجمه ومكانته وموقعه الذي خرج لتوه من قناة كانت لسان حال ثورة بحجم الوطن..وقد قال كل شيء يمكن أن يقال في وجه نظام جائر يتربص بكل صوت يخالفه فكيف لو كان الناخبي..

 


اتجهنا حتى بلغنا ما بعد السبعين وقلبي يقفز على وقع كل مطب والخوف يلفني من كل حفرة..
بحمد الله وصل العميد الناخبي الذي أخجلني بتواضعه وأبهرني بنبله ونقاء فكره وتعطشه ليمن موحد آمن ومستقر..

 


ألح علي ان أكون ضيفا فأبيت إلا العودة 
فأعطاني تلفونه الشخصي ورحب بي في أي وقت فكان ما وعد وتكررت اللقاءت أكثر من مرة...
اليوم أسجل موقفا من مواقف هذا الرجل والحزن يعتصرني في وداع رجل من الوزن الثقيل في تاريخ اليمن ..وفي انتظار منصة الوفاء وساحات العرض ومراسيم رد الجميل لنقول عن هذا الرجل ما يمكن أن يقال في وداع العظماء..

 


رحمك الله يا حبيب اليمن رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان..
وخالص التعازي القلبية لأسرة الفقيد المناضل خاصة وللشعب اليمني على وجه العموم...
إنا لله وإنا إليه راجعون...