لقي الدرويش الراعية قرب نهر "التايمز"، وسط لندن...
قال لها: أريد أن أكون مثل شيخي؟
قالت الراعية: أين عاش؟ ومتى لقيته؟
قال: كان في "صحراء صيهد"، وكنتُ من مريديه قبل أربعين سنة...
قالت: لا تحاول أن تكون مثل شيخك قبل أربعين سنة، لأنك لا تستطيع أن تكون مثل نفسك قبل يوم...
نظرت الراعية إلى "التايمز"، وقالت: النهر اليوم غير النهر أمس...
مضت تسوق أغنامها، جهة "الهايد بارك"...
سمعها الدرويش تهمهم:
خَلَفٌ يريد أن يكون مثل سَلَفه أمس، لأنه يعجز عن أن يكون مثل نفسه اليوم...
التفتتْ إليه قبل أن تغيب وراء "سانت بول"، وقالت:
كن مثل نفسك... لا تكن مثل شيخك...
عِشْ زمنك لا زمانه...
البس ثوبك لا ثوبه...
غابت الراعية...
انطلق الدرويش إلى "حضرة" تحييها "مايا" الغجرية في "كوفنت غاردن"...
لقي - هناك - مولانا جلال الدين الرومي يغني، وشيخه شمس الدين التبريزي يرقص...
كان الصوت ينطلق
:
أنتم حديثي وشُغلي أنتم فروضي ونفلي
يا قبلتي في صلاتي إذا وقفتُ أصلي
كانت سيدة وقورة، تجلس إلى جانب "مايا"...
كان الدرويش قد غاب في "الحضرة"...
قالت له السيدة:
لابد ل"الحضرة" من اثنين...
يختلفان...ولكن يتناغمان...
لم ينتبه الدرويش...
رددت السيدة: كن أنت لا تكن شيخك...
ذهل الدرويش...إنها هي...
تبسمت السيدة...
ودخل الدرويشُ مرحلة "الجذب"...
كانت"حضرة" خفق لها قلب السماء...
غابت الأشياء، فحضرت المعاني...