زملاؤ في قبضة السجان

مر عام ونصف وأكثر من 12 صحافياً خلف قضبان الحوثي يواجهون الموت كل يوم ولا يعرفون متى لحظة الخلاص التي طالت وتأخرت وكل يوم عندهم كألف سنة وليست مبالغة لمن يعرف من هو السجان.

لم يرتكب هؤلاء الزملاء ما يستوجب مصادرة حريتهم كل هذه المدة المفتوحة ولم يخالفوا القانون الغائب المختطف مع الدولة المغدور بها، لم يفعلوا ما يستحق العقاب، وكل تهمتهم أنهم فضّلوا البقاء بصنعاء التي أصبحت أسيرة لأعداء الحياة والحرية معاً.

عبدالخالق عمران الصحافي النبيل الذي لم يكن يدخر جهداً للدفاع عن حقوق زملائه ودعاة الحرية عموماً يصارع الموت بعدما أفادت أسرته أنه شبه مشلول إثر التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرض له طوال فترة اختطافه وحرمانه من تلقي العلاج كحق إنساني.

كل هذا التنكيل بعمران وزملائه الآخرين يعكس حقيقة هذا السجان الذي وصل إلى سد الحكم على حين غرة من الزمن وليس سوى الانقلاب من مكنه ذلك وأداته السلاح، الذي يرفض تسليمه للدولة لعلمه أن لا شعبية له ولا قابلية لمشروعه الظلامي.

حرب مفتوحة على الصحافيين والصحافة منذ عامين بلا هوادة أو توقف، وكأنهم السبب وراء ما يجري في البلد وليس من يشن الحرب ضدهم، الذي أهلك الحرث والنسل ودمر البلد وأعاده إلى ما قبل ميلاد نظامه الجمهوري المجيد قبل نصف قرن من الزمن.

مكتسبات الصحافيين من الحريات المكفولة دستورا ضاعت في غضون عامين وهي أحد أركان دستور دولة الوحدة بعد التعددية الحزبية التي عرفتها البلاد عبر تجربة ديمقراطية في حدودها الدنيا في ظل تأميمها من قِبل نظام صالح حينها وتحكمه بقواعد مخرجاتها.

الصحافيون أخطر الأعداء هكذا ينظر إليهم زعيم التمرد عبدالملك الحوثي الذي وجه مليشياته لملاحقتهم وقمعهم وسجن من تقع أيديهم عليه ومصادرة صحفهم وغلق مؤسساتهم وحجب مواقعهم وقطع مرتباتهم، في حرب مجنونة اكتفت فيها المنظمات الدولية بالرصد والبيانات الكلامية.

أين المنظمات الحقوقية من هذه الانتهاكات ولما تكتفي بعبارات مستهلكة لا تسمن ولا تغني من جوع وتكتفي بمخاطبة ضمير غائب لمليشيات منفلتة من كل أطر وقواعد وقوانين، إلا مما تؤمن به في سحق كل من يعارض همجيتها وسلوكها الوحشي.

هذا التخاذل والصمت الدولي إزاء قضية حقوقية واضحة كالشمس لا مبرر له وليس سوى ضوء أخضر للجلاد للمزيد من الفتك والتوحش والأذى بضحاياه وهم كثر، ويتزايدون بفعل ركونه لقوة تبطش بكل ما تراه ويقف في طريقها بالكلمة أو الفعل.

لا نريد بيانات ولا تحولكم إلى عدادات لإحصاء المختطفين والقتلى ونحن نعرفهم، هناك ما هو أكبر وبمقدوركم فعله كما تفعلون في دول أخرى تستطيعون الضغط بوسائل مختلفة لإطلاق الصحافيين المختطفين وقد تأخرتم كثيراً.


*نقلاً عن العرب القطرية