ثلاثة أحداث مهمة في أسبوع

هناك ثلاثة أحداثٍ مهمة على صلة عميقة بتطورات الأحداث في اليمن، واحد منها القرار رقم 2342 بشأن اليمن الصادر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع، والثاني زيارة الرئيس هادي إلى أبو ظبي، أما الثالث فهو زيارة وكيل عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين إلى عدن وملابسات زيارته التي لم تتم إلى محافظة تعز.

فيما يخص الحدث الأول كان لافتاً أن مجلس الأمن اعتمد قراراً مهماً بشأن اليمن بدون أية إعلان مسبق ولم تأخذ النقاشات بشأن هذا القرار أبعاداً إعلامية ودعائية كما حدث ويحدث في بقية القرارات.

أهم ما تضمن هذا القرار هو أنه أعاد تثبيت العقوبات على المشمولين بها من الطرف الانقلابي وفي مقدمتهم المخلوع صالح، وزعماء عصابة الحوثي، وتجديد ولاية فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمكلف بالتحقيق في الأموال التي نهبها المخلوع صالح من الخزينة العامة إبان توليه الرئاسة، نتيجة اساءته استخدام السلطة، ومهمة أخرى تتعلق بمواصلة الفريق مهمته في متابعة مدى تقيد الأطراف بتنفيذ هذه العقوبات.

لا أدري ما إذا كان تجديد عمل فريق الخبراء يحتاج إلى قرار جديد من مجلس الأمن، وهذا يقتضي البحث في الإجراءات المتبعة في مجلس الأمن، لكن كان لافتاً أن القرار تضمن دعوة إلى الأطراف بتنفيذ عملية الانتقال السياسي استناداً إلى المرجعيات بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي.

هذا في الحقيقة يمكن فهمه في سياق توجه أمريكي لطي صفحة الماضي وإنهاء كافة الترتيبات المشوهة التي كانت إدارة أوباما قد اعتمدتها حيال قضايا المنطقة ومنها اليمن، وهذا يعني أيضاً أن خطة الأمم قد انتهت تقريباً، حتى أن المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد وجه دعوة من موسكو خلال مشاركته هناك في مؤتمر بشأن الشرق الأوسط، إلى تشكيل لجنة دولية لحل النزاع في اليمن.

ولد الشيخ بهذه الدعوة ينعي مهمته التي ارتبطت بشكل غير معقول بخطةً غير مقبولة في الأساس من أهم طرف وهو الحكومة الشرعية.

فيما يخض الحدث الثاني وهو زيارة الرئيس هادي إلى أبو ظبي، فقد جاءت أيضاً في سياق التوجهات الأمريكية الجديدة والتي تتفق إلى حد كبير مع وجهة النظر السعودية، أكثر منها مع وجهة النظر الإماراتية.

وعليه فإن الرئيس هادي ربما سيبقى شريكاً يتعين التعامل معه خلال مرحلة الانتقال القادمة في اليمن، بعد أن كان أبوظبي قد أيدت مبادرة كيري وخطة الأمم المتحدة للحل والتي أملاها الوزير السابق كيري، وقضت بإزاحة الرئيس وتخويل صلاحياته لنائب توافقي أي يرضى عنه الانقلابيون.

وبعد الأحداث الخطيرة في عدن كان لا بد من إخراج ترتيبات معينة تحفظ ماء الوجه للأطراف المؤثرة في المناطق المحررة وبالأخص عدن وفي المقدمة منها أبو ظبي.

عدم اكتراث الإعلام الإماراتي للزيارة يمثل نقطة قوة للرئيس هادي على الرغم من أن هذا التجاهل يحاول الإيحاء بأن لا قيمة لهذه الزيارة الرسمية.

ما من تفسير لذلك إلا ان أبو ظبي ربما اضطرت إلى الترتيب مع هادي على مضض لأنه ما من خيار آخر غير ذلك.

علينا ألا ننساق وراء ما يروجه البعض بشأن تجاهل زيارة الرئيس، الزيارة تمت وربما حققت أهدافها بما يتفق مع إرادة الرئيس، الذي سيظل يقاتل بشرعيته حتى يهزم من يحاول التطاول عليها، وهو أمر يتشاركه معه معظم اليمنيين.

وكل ما نريده هو حفظ الود تجاه الإمارات وشكرها على كل ما قدمته لأجل اليمن وتذكيرها بأن العلاقات مع اليمن تنطوي على فوائد كثيرة دونما حاجة لاستعراض القوة، فالشعب اليمني قوي رغم فقره، وقد اختبرته الظروف.

الحدث الثالث يتصل بمنع ستيفن اوبراين من زيارة تعز، والتي اختار أن تكون تحت مظلة الانقلابيين، وهذا خطأ ارتكبه أوبراين، إذ كان عليه أن ينجز هذه الزيارة تحت مظلة الحكومة والتحالف ولا يصدق التقارير التي أوهمته أن إنجاز هذه الخطوة امر محفوف بالمخاطر.

حسناً لقد قرر أن يزور تعز وهذا ما كنا نتطلع إليه، ولكنه أهين من قبل الانقلابيين، وهو رد مستحق لأنه في الحقيقة أهان الحكومة والتحالف عندما لم ينجز زيارته عبر الطريق الممتد من عدن وحتى تعز.

ويبدو أن الانقلابيين تصرفوا بردة فعل خصوصاً بعد أن أعلن أوبراين أن ميناء عدن آمن ومهيأ لاستقبال السفن بما فيها سفن المساعدات، أي أنه وفر غطاء لإمكانية تحييد ميناء الحديدة.

أهمية زيارة ستيفن أوبراين أنها لأول مرة تختار التعاطي مع الحكومة الشرعية وتبني خياراتها وهو الإجراء الذي كان يجب أن يقوم به منذ وقت مبكر، ولكنه للأسف ظل يناور ويتجاهل الجرائم التي ترتكبها الميلشيا والانقلابيون في تعز وغيرها من المحافظات ويستغرق في تناول أخطاء التحالف الهامشية.