بريطانيا: انتخابات مبكرة

أعلنت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا إجراء انتخابات مبكرة للبرلمان ، وحددت ذلك يوم ٨٨ يونية القادم . كان موعد الانتخابات القادمة هو صيف عام ٢٠٢٠. اي بعد ثلاث سنوات تقريباً من الان .

 


اما لماذا اتخذت "ماي" هذا القرار غير المتوقع  الان وبعده العجلة ، وهي التي سبق لها ان أعلنت اكثر من مرة ان الانتخابات ستجري في موعدها المحدد عام ٢٠٢٠، فذلك يعود لأسباب عديدة أهمها :


١/ هو ما ذهبت اليه الاستطلاعات من أن أهم حزب في المعارضة وهو حزب العمال يعاني من  قصور شديد في الوقت الحاضر لا يسمح له بمنافسة قوية خاصة في المدى المنظور وباعتباره الحزب الذي يتداول السلطة مع المحافظين فإن أي تراجع في مقاعده سيكون لصالح المحافظين وليس لأي حزب آخر .

 


٢/ إن الاوضًاع الاقتصادية  والمالية اخذت تتعقد منذ تصويت البريطانيين لصالح مغادرة الاتحاد الاوربي ، وكل المؤشرات تدلل على أن هذه الاوضًاع ربما تتعقد اكثر في السنتين القادمتين ، الامر الذي سيترتب عليه تراجع حظ المحافظين في الحصول على أغلبية تمكنهم من قيادة ما بعد مرحلة الخروج بتفويض كبير من الشعب لاتخاذ القرارات الصعبة .


٣/  أن المفاوضات مع الاتحاد الاوربي بشأن إتمام عملية الخروج من الاتحاد تحتاج الى دعم شعبي لن يتحقق الا بانتخابات جديدة يتم من خلالها تأكيد التفويض بإنجاز هذه المهمة الصعبة .
٤٤/ هناك الموضوع المتعلق باستقلال اسكتلندة وهو ما يربك العملية كلها خاصة بعد ان صوت البرلمان الإسكتلندي مؤخراً لصالح الدعوة لإجراء استفتاء بشأن هذا الموضوع .. والفكرة هي ان الانتخابات المبكرة قد تفرز موقفاً داخل اسكتلندة ستتضح بشأنه الصورة في ضوء نتائج الانتخابات .

 


ينظم البرلمان كيفية الدعوة للانتخابات المبكرة ويشترط ان تتقدم الحكومة بمذكرة motionn الى البرلمان على أن تتم الموافقة عليها بثلثي الأعضاء يعد شرطاً لاتخاذ القرار .. وهو ما تم اليوم وخاصة بعد أن رحب رئيس حزب العمال السيد كوربن بالانتخابات المبكرة .


 ترحيب "كوربن" بالانتخابات المبكرة اثار جدلاً أوسع من الجدل الذي اثاره اعلان "ماي" بإجراء الانتخابات ، وأدى إعلانه الى زوبعة كبيرة داخل حزب العمال وأسئلة كثيرة في الشارع السياسي حول الاسباب التي جعلت كوربن يأخذ هذا القرار في الوقت الذي يعاني فيه حزبه مو صعوبات كثيرة .

 


 سيتم حل البرلمان قبل اجراء الانتخابات بخمسة وعشرين يوم عمل وفقاً للنظام المعمول به . وستبدأ حركة سياسية نشطة خلال هذه الفترة القصيرة التي سيقرر فيها البريطانيون مستقبل البلاد في ظل حكومة ربما كانت من بين اهم الحكومات في تاريخ البلاد .

 


 هل قلبت السيدة "ماي" الطاولة على الجميع بهذا القرار بهدف الحفاظ على حزبها مستخدمة حقها القانوني في هذه الخطوة ، أم انها أقدمت عليها بهدف توحيد الأمة في مسار سياسي تاريخي كان قد بدأ العام الماضي باتخاذ قرار الخروج من الاتحاد الاوربي وهو ما يمكن ادراكه ضمناً من موافقة مجلس العموم على القرار بدون صعوبات تذكر ؟؟. 


 الايام القادمة سترد على كثير من الاسئلة ، لكن الشيء المؤكد هو أن الصح يكمن حيث يقول الناس كلمتهم .