أمي اليمن

 واهم من يعتقد أن من خرج من بلاده سيذوق طعم السعادة أو أن الوطن الأم يمكن أن يعوضه بديل أو يحل مكانه بلد.. فلو أن الرياض تحولت الى وجبة كبيرة على شكل( كبسة )ما بلغت مقدار نصف نفر (فحسة) في مطعم على مشارف العاصمة.. ولو أن أنقرة اصبحت على شكل قطعة (شوكلاتة) ما بلغت مقدار (كيلو) هريسة في (محلاية)علي سعيد القباطي في العند .. ولو تضافرت كل جهود القاهرة وعمان والخرطوم ودبي وصنعت كأسا من شراب المشكل ما بلغ في ذوقه ولا طعمه ولا نكهته نصف كوب زبيب أوشعير في باب اليمن .. اتدرون من هي اليمن هي نبضة قلب وقبلة حب ولهفة شوق ونهدة عشق وباقة ورد..

 

هي أنشودة الروح ووتر الفؤاد وموسيقى الذكريات ولحن الغرام .. ولو أن عتاولة الفن من العرب وقفوا على صعيد واحد ما صنعوا ذلك الطرب الذي يقدمه لحن ايوب وصوته الموسيقى الفريد في أغنيته (شن المطر) او نغمة الدان على لسان الأسطورة أبوبكر سالم في أغنية (#أمي_اليمن...)

 

اليمن بالنسبة لنا أقدس المقدسات وأطهر البقاع وإذا كانت القدس مسرى الأنبياء ففي اليمن مولدهم وإن كان مولد النبي في مكة ففي اليمن عبقه وريحه وظله..

 

وإذا كانت أبواب البيت العتيق في مكة ففي اليمن ركن الأركان.. إنك إن بحثت عن اليمن في الضلوع والوجدان ستشم الحنين إليها في تعابير المشردين والمقهورين الذين تحدثهم عن الألم فيحدثونك عن الأمل، وتريهم صور الحدائق والسواحل في أرقى المنتجعات العالمية فيسبحون بخيالهم باتجاه سواحل عدن وأبين والحديدة والمخاء..

 

تحدثت إلى واحد من أكثر الناس حظا في ملك سلمان من يحصل على راتب شهري مغري وهدايا وهبات وغير ذلك من عوامل الراحة فقال رغم ذلك أشعر بالذل لأنني في نظرهم مابين الحذاء والساق.. وآخر في تركيا ينعم بكل وسائل الراحة ويعيش في المنتزهات والحدائق فقال: خذوا كل شيء واعطوني ساعة من عصر يوم ساخن في منطقة (عصر) جوار القبر المصري...

 

وثالث في الخرطوم يعطي خلف ظهره للنيلين ويحدق بعينيه في صورة قديمة لشلالات بني مطر... وثالث ورابع وخامس ..

 

واسألوا إن شئتم كل من فارق وطنه ليحدثكم عن ليالي الحزن وأيام القهر وساعات الحنين ودقائق الذكرى واسمعوا كم يحنون لوطنهم ويبكون وجعه..

 

لن يطول ليل الظلم وقريبا سيعود المشردون والموجوعون وستفتح اليمن ذراعيها لكل أبنائها وستقذف بكل من غدر بها وأنهكها بكل هذه الحروب وأوجع قلوبا نقية اتخذت من حبها صلاة ومن عشقها تسبيحا...