المنتصر مهزوم

لا جديد يمكن أن يعول عليه غير التفاهم لاستعادة الدولة من يد الحوثيين
 
لم تقدم المناطق المحررة، ولا المحررين. أي مثل يمكن أن يدعم حجتهم في مقاومة الانقلاب الحوثي العفاشي، فالقوة الغبية هي القوة الغبية في كل زمان ومكان عندما تظل طريقها الى الهدف الغلط.
القوة المحررة التي أفرزها الانتصار على بلطجة الحوثي عفاش في الجنوب خرجت من المعركة بلا هدف واضح، وتوزعت بين أمراء حروب كل يبحث عن استحقاقات الانتصار داخل الحدود التي رسمها بمعايير مصالحه الخاصة.
 
ومع غياب الخطة الحاكمة لاستكمال عملية التحرير بسبب الاستقطابات التي حولت الشرعية إلى منصات لإطلاق التهم ضد بعضها البعض، والتي استرخصت على نحو مؤسف التضحيات الضخمة التي قدمها الشعب لاستعادة الدولة من الانقلابين، تكون فائض من القوة التي ظلت طريقها وتخندقت في مواجهة بعضها.
 
والحقيقة أن السلاح الذي لا يسترشد بسياسة قوية ينتظم في إطارها فإنه لا يجد مناصاً من أن يتحول إلى قوة منتحرة، ما يجري في عدن هو انتحار لكل ما يشهر من أهداف ومن شعارات في مواجهة بعضها البعض، فلا القضية الجنوبية مستفيدة من هذه الفوضى، ولا قضية التحرير التي تحمل لواءها الشرعية ستتوفر لها الشروط لمواصلة استكمال المهمة.
 
والسؤال من له يا ترى مصلحة في توليد هذه الارباكات والصراعات والمواجهات الدموية؟
في تقديري أن هناك قوتين تخترقان منظومة الشرعية بحسابات أقل تقييم لها أنها "مغامرة" ولا تحسب حساب الحقائق الموضوعية على الارض. هاتان القوتان تكرسان انقسام الشرعية بحساباتهما التي تتناقض موضوعياً مع عملية استعادة الدولة من أيدي الحوثيين الانقلابين.

-الأولى تعتقد أن هذا الوقت هو المناسب لاستعادة دولة الجنوب، وأن تفويت هذه الفرصة سيؤدي إلى ضياعها نهائياً. والحقيقة أن هذا الاعتقاد مبالغ فيه وغير مبني على حقائق جوهرية تعكس قراءة واقعية للمتغيرات التي تؤثر في قرار كبير كهذا.
 
فما لم يتم هزيمة المشروع الانقلابي وتسوية أوضاع الدولة التي ستمكن الجنوبيين من تقرير مصيرهم على نحو سلمي وبإرادة شعبية، فإن مشروع استعادة دولة الجنوب سيظل مركز تجاذبات وصراعات وحروب ومؤامرات لا نهاية لها في ظل رخاوة دولية غير مهتمة كثيراً بالشأن اليمني إلا عندما يتجسد الوضع الانساني أمامها كمحرك لأي قرار يحمي سمعة الدول التي تتخذه.
 
-الثانية هي تلك التي ظلت ترى أن استقرار الاوضًاع في الجنوب بعد التحرير سيغري الجنوبيين بالانفصال وعملت على إبقائه في حالة فوضى شاملة، وخاصة عدن التي اختلط فيها الحابل بالنابل وصارت موئلاً لكل المشاريع المتصارعة. وبدلاً من أن تتفهم هذه القوة أهمية تصحيح الموقف من قضية الجنوب على النحو الذي عبر عنه الجنوبيون سلمياً أخذت تلوح في وجههم من جديد بالوحدة أو الموت، وأخذت توسع رقعة الخصومة.
 
حاول الرئيس هادي أن يعيد اللحمة للجميع بمواقفه المسئولة كقائد للشرعية التي رتبت أمامه هذه المسئولية التاريخية وحقق خطوات ناجحة على الطريق غير ان التناقضات التي استولدتها هذه الظروف دفعت بالأمور الى هذا الوضع المأساوي الذي لن يتوقف عند حدود مهما بدا أن هناك منتصر أو مهزوم؟

لا بد من العودة الى طاولة التفاهم والحوار برعاية الرئيس هادي باعتباره القايد السياسي الذي يعول عليه في استعادة الوضع على قاعدة:

1- ان القضية الاساسية الان هي هزيمة الانقلاب واستعادة الدولة من أيدي الحوثيين.
2-  لا بد من تعبئة الجنوب باتجاه تحقيق هذا الهدف وتحقيق الاستقرار بشراكة سياسية.
3-  وضع صيغة سياسية لطمأنة الجنوبيين فيما يخص تقرير مصيرهم.
4-  وضع صيغة لعمل استراتيجي مع التحالف تنهي حالة الارتباك القائمة.