إنه يتهدم

هل يمكن أن يتهدم المكان قبل أن يتهدم الإنسان ؟ وهل تقدم الأشياء بسبب فترة الزمن الطويلة التي مرت عليها ؟

أم لأنه لم تعد هناك يد ما تعتني بها ؟
كثيرا من الأماكن و الأشياء وحتى العلاقات أيضا تتهدم لأننا لم نعد نأبه لها أو نهتم بها وبتجديدها بين كل فترة وأخرى لذا يعتليها الغبار وتشيخ وتبدو أقدم مما هي عليه .
يغادر الناس قراهم وبيوتهم ..فما تلبث إلا قليلا حتى تنسج العنكبوت بيوتها في الزوايا .. وتستوطنها الحشرات والحيوانات .. وتبدأ الأحجار في التساقط !!
ونترك أوراقنا وكتبنا على ألأرفف لفترة فنجدها قد اصفرت وهرمت فيما لو عدنا إليها بين كل فترة وأخرى نقلبها ونطالع فيها لظلت كما هي عليه .
نخلف وراءنا علاقات حميمية وعميقة .. نغفل عن أن نتعهدها بالرعاية .. نتوقف عن الاهتمام بتفاصيلها الصغيرة .. يطول بنا الزمن فلا نعود نحن ولا يعودون هم ! كأنما قتل الإهمال إحساسنا المشترك وهدم أركان ذلك البناء العميق .
حتى الأوطان .. يتوقف الناس عن الاعتناء بالأرض والهواء والأشجار فتتصحر الأرض ويتلوث الهواء ويتسع ثقب الأوزون وتموت الأشجار وهي لا تزال واقفة راغبة في الحياة مرة أخرى ..


من وراء كل ذلك ؟ يبحث الناس عن السكن والحب والوطن فيما هم من يضيعون كل تلك الأشياء .. يفقدون حتى أرواحهم .. تتكلس وتتآكل .. إنهم لم يعودوا يستخدمون حتى أرواحهم لذا تموت ببطئ ويبقى الجسد هاويا تعشش فيه الحشرات وتصفر أوراقه .


ماذا لو قررنا إعادة الحياة للأشياء ؟ هل هناك من هو قادرعلى منعنا ؟


لو عدنا إلى بيوتنا نرممها وأرواحنا نعتني بها وعلاقاتنا نعيد اليها الوهج والحياة .. ماذا لو أزلنا الغبار عن أشيائنا المتهالكة وعدنا إلى استخدامها والاعتراف بأهميتها ..

 


أحيانا كثيرة تحتاج الأشياء فقط للاعتراف لتظل على قيد الحياة فترة أطول .. (أعترف أنك مهم / مهمة بالنسبة لي ) دعونا نقول هذه الجملة لكل ما هو حولنا ويتهدم ..لكن لا نقولها بالحروف والكلمات .. هناك لغة أخرى تجعل الأشياء من حولنا تدرك إنها مهمة بالنسبة لنا .. وعندما تدرك تعود للتنفس من جديد وتولع بالحياة مرة أخرى .


ربما مجرد ممارستها للدور المطلوب منها يعيدها للحياة .. وربما النظرة واللمسة والحضور الروحي والاعتناء الغير متكلف والإحساس الصادق ..والسلوك الحساس والنبيل ..