طلابنا بالخارج ثروة الوطن المستقبلية

‏بين فترة وأخرى يحتجّ طلاب اليمن الذين يدرسون في الخارج للمطالبة بمستحقاتهم المالية المتأخرة لشهور وليس فقط لبضعة أيام، ويكون موقف الحكومة صرف الوعود الكلامية، وفي أحسن الأحوال تسليم مستحقات شهور معينة وليس كلها.

من ماليزيا إلى الهند ومصر وروسيا، وغيرها من الدول التي يوجد فيها آلاف الطلاب، تتكرر مشاهد الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات السفارات اليمنية، وفي بعض الأحيان يتم التصعيد للاعتصام داخل الملحقيات الثقافية لعل وعسى تكون الاستجابة أسرع.. دون جدوى.

مشاكل الطلاب كثيرة وأبرزها عدم الانتظام في صرف المستحقات المالية في موعدها المحدد، وهذا الأمر مستمر منذ سنوات طويلة وليس نتاجاً للظروف التي تعيشها البلاد جراء الحرب والضائقة المالية للحكومة حتى يمكن تفهّم التأخير وتبريره.

وبالنظر لطريقة تعاطي الحكومات اليمنية المتعاقبة مع هذه المشكلة، فقد كان الحل في الغالب قاصراً وجزئياً، وأقرب للمسكنات على شكل صرف وعود كلامية وتسليم مخصصات بعض الأشهر، ثم سرعان ما تعود المشكلة مع احتياج الطلاب إلى نفقات الدراسة والسكن والأكل.

وهذه النظرة القاصرة تشمل التعليم عموماً وليس فقط الطلاب المبتعثين، ذلك أن هذا القطاع الحيوي الذي لا تنهض الأمم إلا به، يحتل أسفل سُلّم الاهتمام الرسمي، سواء في الموازنة أم في الاستراتيجيات الوطنية العامة المختلفة.

وفي كل الأحوال لا مبرر لاستمرار هذه المشكلة بالذات، لأنها تسيء للبلد وتضرّ بالمستوى العلمي للطلاب أنفسهم الذين يعيشون حالة من الهمّ والقلق خوفاً من طردهم من الجامعات لعدم تسديد الرسوم أو السكن لعدم دفع الإيجار، فضلاً عن الالتزامات الأخرى. ناهيك عن أن حصة الابتعاث مالياً ليست كبيرة مقارنة بنفقات البعثات الدبلوماسية كي تمثل مشكلة في حلها.

وهناك مشكلة أخرى، وهي تعيين أشخاص غير مؤهلين لإدارة الملحقيات الثقافية، مع أن سوء الاختيار يشمل السفراء أيضاً، ولكن نتحدث عن هؤلاء لارتباط عملهم مباشرة بالطلاب والذين يشتكون منهم ويصعدون وينجحون في بعض الأوقات بتغييرهم.

ينبغي أن يدرك المعنيون بأن الموظف أياً كان منصبه هو في خدمة المواطن وليس نفسه أو المقربين منه، وهو ما يجب أن يستوعبه أولئك الذين يديرون الملحقيات بدلاً من إجبار الطلاب على ترك دراستهم للمطالبة بحقوقهم المالية أو غيرها.

قضية الطلاب في الخارج تمسّ مستقبل الوطن لأنهم ثروته ورأسماله الحقيقي الذي يوجب على أصحاب القرار حل مشاكلهم ليتفرغوا للدراسة وليس للنضال السلمي على حقوق يُفترض أنها مصونة، على الأقل كونهم خارج بلدهم وبعيدين عن أهاليهم.

لا يحتاج الطلاب للجان حكومية من أي نوع، ولا زيارات لبعض المسؤولين بحجة تشخيص أسباب المشاكل، وهي معروفة وقديمة، وإنما التزام بالقوانين وتعهدات الابتعاث واستشعار المسؤولية الوطنية بالأفعال لا الأقوال.;