تعز الحل والمعضله !!

آآ 

تتجه الأنظار كلها صوب تعز التي تحظى باهتمام الجميع وتشغل بال الكثيرين ، ليس لمجرد الاسم والجغرافيا المجردة ، والفكرة الهلامية المختزلة في عقلية الحب والمبغض على حبي سواء ، بل لأنها ذلك الثقل السكاني الأكبر والموقع الجغرافي الأهم بتموضعها بين مفترق طرق الجنوب والشمال والساحل والمرتفع ، والمركز الاقتصادي والصناعي الوطني الأول ، قبل أن تطفوا على السطح باقي المراكز ورؤوس الأموال المتسللة من صلب مؤسسات الدولة ومركزية النفوذ . وبقدر ما أرضعت الجمهورية من خيراتها ، وتدافع رجالها نضالا وسیاسة وتعليم وعمل فن ومهنة في كل أنحاء الجمهورية وفي كل مرحلة من مراحل النضال الوطني ، يتحامل عليها الكثير من أعداء النظام والجمهورية والوحدة الوطنية وأعداء سيادة دولة النظام والقانون العادلة ، تحديدا فلول الإمامة التي كان لتعز الدور الأكبر في إسقاطها ، ونشر التعليم وإماطة اللثام عن تاريخها العنصري المذهبي القميء ، والدور المحوري في مناشدة قيم الدولة التي آمن بها السواد الأعظم من أبناء الوطن وأنزفوا في سبيلها سنين العمر وأحرقوا نفائس أوقاتهم خدمة وتفان ليل نهار . قد يستغرب البعض إذا قلت بأن تعز لم تعان الضنك والضيق والانتقام السياسي والاجتماعي ، طيلة تاريخها المعاصر كما عانته عقب أحداث ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ، وكما تعانيه اليوم جراء الحصار الظالم عليها ، تنفست نسبية في عهد صالح غازلها بعين واحدة أرادها دعامة لخدمة مشروعه وتثبيت سلطانه ، كونها الأكثر حضورة وتأثيرة ، غير أنه وبرغم أنه ربيبها زرع فيها جرحا واسعة قبل وبعد ن?سته فكانت هي الأعمق والأوجع في تاريخها المعاصر . عاشت تعز صراعات كل الأطراف السياسية وعنف كل الخصوم ، وذلك بحكم تفاعلها مع كل القضايا والأحداث الوطنية وبفعل حضورها معهم وبينهم بشكل كثيف ، فصار لكل طرف منهم فيها قصة وذ?ری حساب ، كان للرئيس السابق صالح وللحاضر عبد ربه وللإنتقالي وللحوثي ولكل الأحزاب السياسية وللتحالف العربي ضد المشروع الانقلابي كان لكل منهم فيها ولا زال عقدة سياسية " وأفيوبيا " حدث ، انعكس كل ذلك على حصارها واضطرابها الأمني ، وإغراء الكثير من ضعفاء النفوس فيها بل وسقوطهم في وحل البرجماتية والعمالة والمصلحة . كان لغياب سلطان الدولة الحقيقية واليد الحانية - والرجل الحامل للمشروع الوطني الجامع الأثر الأكبر على ما مجريات الأحداث فيها على كل الغد ، وكان للصراع الحزبي والحضور الإعلامي ، وقوة التمرد على الطغيان ، والمقاومة الصلبة ، اليد الطولى في تعاطي الجميع معها ومع ما يدور فيها من أحداث بصورة أكثر ضبابية وغموض . البعض يترقب والآخر خائف وقلق ، وهناك " المتصانج ! والمتعامي ! " والمدير ظهره والغاضب والمستهجن الشامت ، مما يجري من اختراقات أمنية ، الأمر الذي جعل لصداها لون آخر يفوق كل الاختلالات الأمنية والقتالية في باقي المدن المحررة والجبهات المشتعلة ضد المشروع الإمامي العنيف ! أحدث الحزام العسكري الجهوي الذي ضرب عليها قبل الحرب ، والذي لا زال بعضه قائم وإن كان قد تهشم بعضه ، وكذا تفكك الوحدات الأمنية والعسكرية والتنفيذية الجاثمة على قلب المدينة من الداخل بنافذين من خارجها ، أحدث الكثير من المآسي وخلق الكثير من بؤر الصراع والاحتقانات المؤجلة ، التي تعاني منها اليمن قاطبة وتعز المحاصرة حصرية وستبقى المأساة على حالها إذا لم يتوحد الصف الجمهوري ويكسر الحصار على تعز أولا كي تنطلق الجبهات ، ويتفق على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، وتطبيق نظام اليمن الاتحادي ، لأن العودة إلى ماضي نظام الدولة البسيطة ، والسلطة المركزية بات في نظر اليمنيين والمهتمين بالشأن اليمني من الخارج من سابع المستحيلات .