ذكرى يوم الحرية1 !

 في 15أكتوبر من العام الماضي و من داخل الحافلة التى أقلتنا الى مطار صنعاء رأيت صنعاء وسكانها لأول مرة ،ماتزال تلك المشاهد محفورة في ذاكرتي لأني لأول مرة اشاهد الناس والشوارع!

 

بدت صنعاء حزينة كئيبة مغلوبة على أمرها ،رأيت البؤس في وجوه الناس وملامحهم ،الشوارع مغبرة واللواحات الإعلانية باهتة ،كانت بلا ألوان كانت صور قتلى الحوثي موزعة على امتداد الطريق، كنت أحدق بدهشة أعمى رُد إليه بصره ،

 

وجدتني اتفحص كل شيء ووجدتني غريباً على تلك الشوارع التى لطالما قطعتها مراراً ولسنوات تلك المدينة التى تسكنني مذ عرفت نفسي بدت غريبة لم تعد صنعاء التى التى أعرفها ،دققت في وجوه الناس ربما أعرف صديقاً وشخصاً ما، لوح لنا الناس بأيدهم كان الخوف يعتريهم وفي وجوهمم التردد من أن يبطش بهم أحد العناصر التابعة للحوثي والتى كانت تحيط بموكب الأحرار،كانت اليمن كل اليمن ترقب تنفيذ أكبر صفقة لتبادل اسرى ومختطفين منذ قيام الجمهورية،

 

مر شريط سنوات السجن الخمس والنصف سريعاً بدت كخمسة أيام مع أنفاس الحرية الأولى سألت نفسي حينها وأنا في لحظة شرود هل ما امر به الآن حلم ام حقيقة هل حقاً سأنام هذه الليلة خارج جدارن السجن !

 

عليك أن تفرح بحذر فكل شيء متوقع قد تفشل الصفقة وقد تعود مجدداً الى السجن! كانت عناصر الحوثي قد أعطتنا جراعات كبيرة من الإحباط والضغط النفسي الممنهج وعلى مدى يومين متتابعين خاصة نحن الصحفيين " الصحفيين لن يخرجوا في الصفقة"!

 

كما الأطفال كنا ننتظر فجر العيد ومن فرط حماسنا وقلقنا وفرحنا وخوفنا غادر النعاس أعيننا، كان علينا أن نعيد برجمة قلوبنا وأرواحنا على الفرح من جديد فنحن نسينا كيف نفرح منذ سنوات!

 

في الطريق رأيت اطفالاً يحملون البنادق أحدهم كان اطول قليلاً من حجم تلك البندقية التي اثقلت كتفه ،كان من المفترض أن يكون ذلك الطفل في مقاعد الدراسة فاضت عيناي حينها بالدموع وتذكرت كيف كان الأطفال قبل زمن الحوثي وكيف هم الآن! رأيت أيضاً لوحة إرشادية في الشارع تتحدث عن محاربة تجار السوق السوداء للمشتقات النفطية وكان أحدهم يستظل بظل تلك اللوحة ويبيع البترول!

 

وصلنا مطار صنعاء وفي صالة المغادرة مكثنا قرابة ساعتين وكان المسلحون يقولون "خلاص با نرجعكم الصفقة فشلت" ! كنت آخر شخص يصعد سلم الطائرة من المختطفين وقبل أن أدخلها القيت نظرتي الأخيرة لصنعاء فاضت عياني بالدموع من جديد مر شريط طويل من الذكريات والأماكن أنا لم أكن أحدق فيما يمكنني أن أراه كنت أعانق وأودع كل ما رأيت منها...قلت حينها وداعاً صنعاء ولنا لقاء وأنتِ حرة! يتبع=>