يا ترى هل سلمت الحكومة التركية محكوما عليه بالاعدام الى نظام السيسي في مصر

مصري

طرح رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ياسين أقطاي تساؤلات تفند ما تم تداوله في وسائل الإعلام العربية بشأن تسليم أنقرة مواطنا مصريا محكوما بالإعدام إلى بلاده.

وقال أقطاي -في مقال نشرته صحيفة يني شفق التركية- إن وسائل الإعلام الموالية لنظام (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي عكست الخبر على أن تركيا بدأت بالتعاون مع نظامه، وإن بعضها بالغ في الأمر حتى ادعى أنها ستقوم بتسليم جميع المحكومين أينما كانوا.

اقراء ايضاً :

وأضاف أن تلك الوسائل استخدمت هذا الخبر لتوحي إلى المصريين المعارضين أنهم لن يعود بإمكانهم الثقة في تركيا، وأن عليهم العودة إلى بلادهم من تلقاء أنفسهم قبل أن يتم تسليمهم.

ووصف أقطاي الطريقة التي عكست بها وسائل الإعلام المصرية الخبر وكأن نظام السيسي قدم طلبا فسارعت تركيا إلى تسليمه مواطنا محكوما بالإعدام.

ولفت إلى أن هناك أمرا غريبا، وهو أن هذا المواطن لم تنقض 24 ساعة على قدومه تركيا، فهل يعقل أن تكون الفترة كافية لتأخذ الحكومة المصرية قرارا من المحكمة بحقه وترفع طلبا لتركيا بتسليمه ثم تقيّم أنقرة الطلب وتوافق على إعادته إلى مصر؟

أقطاي يقول إنه بحث في الأمر بعد أن استغرب الصور التي بينت رفض الموظفين إدخال المواطن المصري وأعادوه بسرعة إلى الطائرة المتوجهة لمصر، فهل الحقيقة كما نقلت وسائل الإعلام؟

وأشار إلى أن تركيا تعد من أول الأسماء التي تخطر إلى ذهن الناس في العديد من الدول حول العالم حين يقررون الفرار من الظلم والذل في بلادهم، حيث تحتضن ما يزيد على خمسة ملايين سوري وعراقي ويمني وليبي وأفغاني وتركستاني والعديد من المحكومين السياسيين من الجنسيات المختلفة.

ولفت أقطاي إلى أن تركيا تراعي حقوق اللاجئين السياسيين وذوي الحالات الإنسانية على الرغم من أنها تواجه مشاكل وأعدادا أكبر بكثير من التي تواجهها الدول الأوروبية، وأنها تحاول التغلب على هذه الأزمة دون مساعدة الدول الأخرى.

وبحسب المقال، فإن كل دولة لديها حد أقصى لاستقبال اللاجئين لكن تركيا تجاوزت هذا الحد بشكل كبير، بالإضافة إلى أن قبول اللاجئين يخضع لبعض البروتوكولات والقوانين المتعلقة بالفيزا وأمور أخرى، فتركيا لا تسمح لكل من لا يملك الفيزا بالدخول والخروج وقتما يشاء، وعلى الرغم من ذلك تراعي بعض الحالات الإنسانية للقادمين من الدول التي بات الظلم فيها ممنهجا وتحاول التعاون معهم.

ويمضي بأن مصر باتت من أكثر الدول التي تمارس الضغوط السياسية وتتعدى على حقوق الإنسان وكرامته، وأن القضاء المصري لم يعد يمتلك أدنى حدود العدل ويحكم البلاد بنظام عسكري.

وذكّر بحادثة إصدار حكم بالإعدام بحق أكثر من ثمانمئة مواطن خلال نصف ساعة أمام أنظار العالم، الأمر الذي جعل مصطلح "محكوم بالإعدام" في النظام المصري فارغا من أي معنى أو قيمة، بل إنه وسيلة رسمية للنظام يقوم من خلالها بتصفية معارضيه لأتفه الأسباب.

وأكد أقطاي على أن هذا هو السبب الذي جعل تركيا ترفض تسليم أي مصري محكوم بالإعدام أو بأي عقاب آخر لبلاده حتى اليوم، ولن تفعل ذلك مستقبلا، ولا سيما أنه بات من المعروف للعالم أن النظام المصري حتى إن لم يجد تهمة حقيقية لمعارضيه فإنه يفتعل تهما يحاكمهم عليها، لذا فحتى الأحكام التي يصدرها القضاء المصري عبرالإنتربول لم تعد لها قيمة.

كما أشار إلى أنه في المقابل يعيش الكثير من المواطنين الأتراك المنتسبين لتنظيم فتح الله غولن والمطلوبين في بلادهم بمصر بكل أريحية.

وتساءل عن مدى عدالة القضاء الذي حين يختلق جرائم تافهة لمعارضيه اليوم لم يقم حتى بفتح قضية أو مجرد تحقيق بحق المجرمين الذين نفذوا مجازر كبيرة في ميادين مصر قبل ست سنوات، مؤكدا أن تركيا لا يمكنها التعاون مع نظام كهذا لتسليم محكوميه بالإعدام.

المواطن المصري محمد عبد الحفيظ المحكوم عليه بالإعدام في بلاده (التواصل الاجتماعي) 

تفاصيل الإعادة
وهنا سرد أقطاي تفاصيل إعادة المواطن المصري محمد عبد الحفيظ إلى بلاده على النحو التالي:

"بحسب المعلومات التي حصلت عليها من أحد المسؤولين في إدارة الهجرة والجوازات، فإن الشخص المذكور كان مر بتركيا في 16 يناير/كانون الثاني خلال رحلته بين مقديشو والقاهرة، لكنه حين وصل تركيا بدلا من الصعود إلى طائرة القاهرة توجه نحو قسم الجوازات وحاول الدخول إلى تركيا، أراد الدخول لكنه لم يكن يمتلك تصريحا ساري المفعول، فالتصريح الإلكتروني الذي كان يحمله كان مخصصا للسيدات الكبار في السن، الأمر الذي جعل موظفي قسم الجوازات يعتبرون تصريحه مزورا ومرفوضا، وحين أعلموه بمنعه من الدخول كان الإجراء الروتيني الذي أمامه إما أن يعيدوه إلى البلد القادم منه أو يركبوه الطائرة المتوجهة إلى هدفه الثاني ونقطة الوصول القاهرة".

وتابع أقطاي أنه بحسب المسؤولين، فإن المواطن المصري لم يتقدم بطلب لجوء إنساني أبدا، الأمر الذي جعل دخوله إلى البلاد مرفوضا، فكان عليه العودة إما للمكان الذي جاء منه أو للقاهرة، فلو كان تقدم بطلب لجوء لما كان عليه أن يخير بين الاثنين وكان سيدخل تركيا بلا أي مشاكل بالتأكيد.

وتساءل أقطاي إن كان المواطن المصري محكوما بالإعدام بالفعل فما الذي منعه من التقدم بطلب اللجوء الإنساني في تركيا؟ وهو أمر خاص ما كان لموظفي المطار أن يعلموا به إن لم يقدم الطلب.

وطرح بعض التساؤلات الأخرى قائلا: هل كان إصراره على التكتم على الأمر مجرد خطأ بسيط يمكن تجاوزه؟

هل حاول أن يشرح لهم مشكلته لكن اللغة وقفت حاجزا فلم يستطع ذلك؟

هل كان السيناريو يخطط إلى أن يتم وضع "الكلبشات" في يديه بالقوة في نهاية المطاف وإرغامه على صعود الطائرة؟

وأضاف أقطاي أن جميع هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات واضحة، ولا سيما أنه حصل على معلومة مؤكدة بأن وزير الخارجية الذي أحزنه الخبر كثيرا ومسؤولي إدارة الهجرة والجوازات المشهود لهم بالتعاون مع الحالات الإنسانية سيفتحون تحقيقا في الأمر قريبا.

وتمنى أقطاي ألا تتكرر مثل هذه المشاهد التي تشوه صورة تركيا المعروفة بسياستها الإنسانية ووقوفها بجانب بحقوق الإنسان